كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



561- الحَدِيث السَّابِع وَالثلاثون:
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حث عَلَى الصَّدَقَة فجَاء عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّة من الذَّهَب وَقيل بأَرْبعَة آلَاف دِرْهَم قَالَ كَانَ لي ثَمَانِيَة آلَاف فأقرضت رَبِّي أَرْبَعَة وَأَمْسَكت أَرْبَعَة لِعِيَالِي فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام: «بَارك الله لَك فِيمَا أَعْطَيْت وَفِيمَا أَمْسَكت» فَبَارك الله لَهُ حَتَّى صُولِحَتْ امْرَأَته تماضر عَن ربع الثّمن عَلَى ثَمَانِينَ ألفا وَتصدق عَاصِم بن عدي بِمِائَة وسق من تمر وَجَاء أَبُو عقيل الْأنْصَارِيّ بِصَاع من تمر فَقَالَ بت ليلِي أجر بِالْجَرِيرِ عَلَى صَاعَيْنِ فَتركت صَاعا لِعِيَالِي وَجئْت بِصَاع فَأمره النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن يَنْثُرهُ عَلَى الصَّدقَات فَلَمَزَهُمْ المُنَافِقُونَ وَقَالُوا مَا أعْطى عبد الرَّحْمَن وَعَاصِم إِلَّا رِيَاء وَإِن كَانَ الله وَرَسُوله لغَنِيَّيْنِ عَن صَاع أبي عقيل وَلكنه أحب أَن يذكر بِنَفسِهِ ليُعْطَى من الصَّدقَات فَنزلت {إِلَّا جهدهمْ}.
قلت رَوَى الْبَزَّار فِي مُسْنده حَدثنَا طالوت بن عباد حَدثنَا أَبُو عوَانَة عَن عمر بن أبي سَلمَة عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تصدقوا فَإِنِّي أُرِيد أَن أبْعث بعثا» فجَاء عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَقَالَ يَا رَسُول الله عِنْدِي أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم أَلفَانِ أقْرضهُمَا رَبِّي وَأَلْفَانِ لِعِيَالِي فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: «بَارك الله فِيمَا أَعْطَيْت وَبَارك لَك فِيمَا أَمْسَكت» وَبَات رجل من الْأَنْصَار فَأصَاب صَاعَيْنِ من تمر فَقَالَ يَا رَسُول الله أصبت صَاعَيْنِ من تمر صَاع أقْرضهُ رَبِّي وَصَاع لِعِيَالِي فَلَمَزَهُ المُنَافِقُونَ فَقَالُوا مَا أعْطى الَّذِي أعْطى بن عَوْف إِلَّا رِيَاء وَقَالُوا ألم يكن الله وَرَسُوله غَنِيَّيْنِ عَن صَاع هَذَا فَأنْزل الله تَعَالَى: {الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين من الْمُؤمنِينَ فِي الصَّدقَات وَالَّذين لَا يَجدونَ إِلَّا جهدهمْ} الْآيَة. انتهى. ثمَّ رَوَاهُ عَن أبي كَامِل عَن أبي عوَانَة عَن عمر بن أبي سَلمَة عَن أَبِيه مُرْسلا وَقَالَ لم يسْندهُ أحد إِلَّا طالوت. انتهى.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من طَرِيق مُسَدّد حَدثنَا أَبُو عوَانَة بِهِ مُرْسلا.
وَذكر ابْن هِشَام فِي سيرته فِي غَزْوَة تَبُوك عَن ابْن إِسْحَاق قَالَ إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حض عَلَى الصَّدَقَة وَرغب فِيهَا فَقَامَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَتصدق بأَرْبعَة آلَاف دِرْهَم وَقَامَ عَاصِم بن عدي فَتصدق بِمِائَة وسق من تمر فَلَمَزُوهُمَا وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا الرِّيَاء وَكَانَ الَّذِي تصدق بِجهْدِهِ أَبُو عقيل أَتَى بِصَاع تمر فَأَلْقَاهُ فِي الصَّدَقَة فَتَضَاحَكُوا بِهِ وَقَالُوا إِن الله لَغَنِيّ عَن صَاع أبي عقيل.
وَمن طَرِيق ابْن إِسْحَاق رَوَاهُ الطَّبَرِيّ وَرَوَى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه والطبري وَابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث زيد بن الْحباب عَن مُوسَى بن عُبَيْدَة حَدثنِي خَالِد بن يسَار عَن ابْن أبي عقيل عَن أَبِيه قَالَ بت أجر الْجَرِير عَلَى ظَهْري عَلَى صَاعَيْنِ من تمر فَانْقَلَبت بِأَحَدِهِمَا إِلَى أَهلِي يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَجئْت بِالْآخرِ أَتَقَرَّب بِهِ إِلَى الله تَعَالَى فَأتيت بِهِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لي: «اُنْثُرْهُ فِي الصَّدَقَة» فَقَالَ المُنَافِقُونَ وَسَخِرُوا مني مَا كَانَ أَغْنَى هَذَا أَن يتَقرَّب إِلَى الله بِصَاع من تمر فَأنْزل الله تَعَالَى: {الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين من الْمُؤمنِينَ فِي الصَّدقَات وَالَّذين لَا يَجدونَ إِلَّا جهدهمْ} الْآيَتَيْنِ. انتهى.
وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي كِتَابه غَرِيب الحَدِيث كَذَلِك وَقَالَ الْجَرِير حَبل من آدم يَسْتَقِي بِهِ المَاء.
وَرَوَى عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره أخبرنَا معمر عَن قَتَادَة قَالَ تصدق عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف بِشَطْر من مَاله وَكَانَ لَهُ ثَمَانِيَة آلَاف دِينَار فَتصدق بأَرْبعَة آلَاف فَقَالَ نَاس من الْمُنَافِقين إِن عبد الرَّحْمَن لعَظيم الرِّيَاء فَقَالَ الله تَعَالَى: {الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين} وَكَانَ لرجل من الْأَنْصَار صَاعَانِ من تمر فجَاء بِأَحَدِهِمَا فَقَالَ نَاس من الْمُنَافِقين إِن كَانَ الله عَن صَاع هَذَا لَغَنِيّ فَقَالَ الله إِلَّا جهدهمْ.
وَفِي أَسبَاب النُّزُول لِلْوَاحِدِيِّ وَقَالَ قَتَادَة حث رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّدَقَة فجَاء عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَقَالَ يَا رَسُول الله مَالِي ثَمَانِيَة آلَاف جئْتُك بِنِصْفِهَا فاجعلها فِي سَبِيل الله وَأَمْسَكت نصفهَا لِعِيَالِي فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَارك الله لَك فِيمَا أَعْطَيْت وَفِيمَا أنفقت» فَبَارك الله فِي مَاله حَتَّى إِنَّه خلف امْرَأتَيْنِ فَبلغ ثمن مَاله مائَة وَسِتِّينَ ألف دِرْهَم وَتصدق يَوْمئِذٍ عَاصِم بن عدي ابْن الْعجْلَاني بِمِائَة وسق من تمر وَجَاء آخر فَقَالَ يَا رَسُول الله بت لَيْلَتي أجر بِالْجَرِيرِ عَلَى صَاعَيْنِ من تمر... إِلَى آخر لفظ الطَّبَرَانِيّ.
وَذكر الثَّعْلَبِيّ الحَدِيث بِلَفْظ المُصَنّف من غير سَنَد إِلَّا أَنه لم يذكر فِيهِ الْأَرْبَعين أُوقِيَّة وَلَا ذكر الْمُصَالحَة وَإِنَّمَا قَالَ خلف زَوْجَتَيْنِ بلغ ثمن مَاله لَهما مائَة وَسِتِّينَ ألف دِرْهَم لكل امْرَأَة ثَمَانُون ألف.
وَرَوَى الطَّبَرِيّ حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن ابْن عَبَّاس وَقَتَادَة وَعَن مُجَاهِد وَعَن أبي سَلمَة وَعَن الرّبيع بن أنس فَلم يذكر فِي شَيْء مِنْهَا الْأَرْبَعين أُوقِيَّة من الذَّهَب وَذكر الْأَرْبَعَة دِرْهَم وَالثَّمَانِيَة آلَاف دِينَار.
وَرَوَى ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره تَفْسِيره حَدثنَا عبد الله بن جَعْفَر حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الله حَدثنَا أَبُو صَالح عبد الله بن صَالح حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عَلّي بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تعالى: {الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين من الْمُؤمنِينَ فِي الصَّدقَات} قَالَ جَاءَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّة من ذهب إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَاء رجل من الْأَنْصَار بِصَاع من تمر فَقَالَ بعض الْمُنَافِقين وَالله مَا جَاءَ عبد الرَّحْمَن بِمَا جَاءَ بِهِ إِلَّا رِيَاء وَإِن كَانَ الله وَرَسُوله لغَنِيَّيْنِ عَن هَذَا الصَّاع. انتهى.
وَرُوِيَ أَيْضا حَدثنَا أَحْمد بن كَامِل حَدثنَا مُحَمَّد بن سعد الْعَوْفِيّ حَدثنَا أبي حَدثنَا عمي عَن أَبِيه عَن جده عَن ابْن عَبَّاس قَالَ خرج رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا إِلَى النَّاس فَنَادَى فيهم أَن اجْمَعُوا صَدقَاتكُمْ فَجمع النَّاس صَدَقَاتهمْ وَجَاء رجل.
بِصَاع من تمر فَقَالَ يَا رَسُول الله بت لَيْلَتي أجر بِالْجَرِيرِ المَاء حَتَّى نلْت صَاعَيْنِ من تمر فَأَمْسَكت أَحدهمَا وَأَتَيْتُك بِالْآخرِ فَأمره رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن يَنْثُرهُ فِي الصَّدقَات فَسخرَ مِنْهُ رجال وَقَالُوا إِن الله وَرَسُوله لَغَنِيَّانِ عَن صَاع هَذَا وَجَاء عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَقَالَ يَا رَسُول الله مَالِي ثَمَانِيَة آلَاف فَأَرْبَعَة آلَاف لي وَأَرْبَعَة أقْرضهَا رَبِّي فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَارك الله لَك فِيمَا أَمْسَكت وَفِيمَا أَعْطَيْت» وَلَمزه المُنَافِقُونَ فَقَالُوا وَالله مَا أعْطى ابْن عَوْف إِلَّا رِيَاء فَأنْزل الله عذره وَعذر صَاحِبيهِ {الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين} الْآيَة. انتهى.
562- الحَدِيث الثَّامِن وَالثلاثون:
رُوِيَ أَن عبد الله بن عبد الله بن أبي وَكَانَ رجلا صَالحا سَأَلَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن يسْتَغْفر لِأَبِيهِ فِي مَرضه فَفعل فَنزلت فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِن الله قد رخص لي فسأزيد عَلَى السّبْعين» فَنزلت {سَوَاء عَلَيْهِم أَسْتَغْفَرْت لَهُم أم لم تستغفر لَهُم}.
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي الْجَنَائِز وَمُسلم فِي فَضَائِل عمر وَفِي كتاب الْمُنَافِقين من حَدِيث نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ لما توفّي عبد الله بن أبي جَاءَ ابْنه عبد الله إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ أَن يُعْطِيهِ قَمِيصه يُكفن فِيهِ أَبَاهُ فَأعْطَاهُ ثمَّ سَأَلَهُ أَن يُصَلِّي عَلَيْهِ فَقَامَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليُصَلِّي عَلَيْهِ فَأخذ عمر بِثَوْبِهِ وَقَالَ يَا رَسُول الله أَتُصَلِّي عَلَيْهِ وَقد نهاك الله أَن تصلي عَلَيْهِ فَقَالَ: «إِنَّمَا خيرني فَقَالَ: {اسْتغْفر لَهُم أَو لَا تستغفر لَهُم إِن تستغفر لَهُم سبعين مرّة} وسأزيده عَلَى سبعين» وَقَالَ إِنَّه مُنَافِق فَصَلى عَلَيْهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأنْزل الله: {وَلَا تصل عَلَى أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا} فَترك الصَّلَاة عَلَيْهِم. انتهى. وَلَفظ مُسلم وَهُوَ أقرب للفظ المُصَنّف.
563- الحَدِيث التَّاسِع وَالثلاثون:
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يقوم عَلَى قُبُور الْمُنَافِقين وَيَدْعُو إِلَيْهِم فَلَمَّا مرض رَأس الْمُنَافِقين عبد الله بن أبي بعث إِلَيْهِ ليَأْتِيه فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ: «أهْلكك حب الْيَهُود» فَقَالَ يَا رَسُول الله بعثت إِلَيْك لِتَسْتَغْفِر لي لَا لِتؤَنِّبنِي وَسَأَلَهُ أَن يُكَفِّنهُ فِي شعاره الَّذِي يَلِي جلده وَيُصلي عَلَيْهِ فَلَمَّا مَاتَ دَعَا ابْنه حباب إِلَى جنَازَته فَسَأَلَهُ عَن اسْمه فَقَالَ حباب بن عبد الله فَقَالَ أَنْت عبد الله ابْن عبد الله الْحباب اسْم شَيْطَان فَلَمَّا هم بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ عمر أَتُصَلِّي عَلَى عَدو الله وَقيل أَرَادَ أَن يُصَلِّي عَلَيْهِ فَجَذَبَهُ جِبْرِيل وَرُوِيَ أَن وَلَده الرجل الصَّالح قَالَ للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ لَا يرد سَائِلًا أَسأَلك أَن تُكَفِّنَهُ فِي بعض قمصانك وَأَن تقوم عَلَى قَبره لَا يشمت بِهِ الْأَعْدَاء.
وَرُوِيَ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قيل لَهُ لم وجهت إِلَيْهِ بِقَمِيصِك وَهُوَ كَافِر فَقَالَ: «إِن قَمِيصِي لن يُغني عَنهُ من الله شَيْئا وَإِنِّي أُؤَمِّل من الله أَن يدْخل فِي الْإِسْلَام كثير بِهَذَا السَّبَب».
وَيروَى أَنه أسلم ألف من الْخَزْرَج لما رَأَوْهُ طلب الِاسْتِشْفَاء بِثَوْب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُخَادع.
قلت رَوَى الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك فِي الْجَنَائِز وَالْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب غَزْوَة.
تَبُوك من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق حَدثنِي الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ دخل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عبد الله بن أبي يعودهُ فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَلَمَّا عرف فِيهِ الْمَوْت قَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أما وَالله إِنِّي كنت لأنهاك عَن حب يهود» فَقَالَ قد أبْغضهُم أسعد بن زُرَارَة فَمَا نَفعه زَاد الْحَاكِم فَلَمَّا مَاتَ أَتَاهُ ابْنه فَقَالَ قد مَاتَ فَأعْطِنِي يَا رَسُول الله قَمِيصك أكَفنهُ فِيهِ فَنزع عَلَيْهِ السَّلَام قَمِيصه فَأعْطَاهُ إِيَّاه انْتَهَى وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم وَلم يخرجَاه.
وَزَاد الْبَيْهَقِيّ فِي رِوَايَة أُخْرَى عَن الْوَاقِدِيّ ثمَّ قَالَ يَا رَسُول الله لَيْسَ هَذَا بِحِين عتاب هُوَ الْمَوْت فَإِن مت فَاحْضُرْ غسْلي وَأَعْطِنِي قَمِيصك أكفن فِيهِ فَأعْطَاهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصه الْأَعْلَى وَكَانَ عَلَيْهِ قَمِيصَانِ فَقَالَ أَعْطِنِي قَمِيصك الَّذِي يَلِي جِلْدك فَنزع قَمِيصه الَّذِي يَلِي جلده فَأعْطَاهُ ثمَّ قَالَ وَصلي عَلّي واستغفر لي زَاد فِي رِوَايَة أُخْرَى عَن مُوسَى بن أبي عِيسَى فَقَالَ لَهُ ابْنه وَكَانَ يُقَال لَهُ الْحباب فَسَماهُ عبد الله يَا رَسُول الله أعْطه قَمِيصك الَّذِي يَلِي جِلْدك وَهَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ مُرْسَلَتَانِ.
وَقَوله الْحباب اسْم شَيْطَان رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره مُرْسلا عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر وَمُجاهد وَالشعْبِيّ وَقَتَادَة قَالَ لما ثقل عبد الله بن أبي انْطلق ابْنه إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِن أبي قد احْتضرَ فَأحب أَن تشهده وَتصلي عَلَيْهِ فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا اسْمك» قَالَ الْحباب بن عبد الله قَالَ: «بل أَنْت عبد الله بن عبد الله إِن الْحباب اسْم شَيْطَان» قَالَ فَانْطَلق مَعَه حَتَّى شهده وَألبسهُ قَمِيصه وَصَلى عَلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات عَن عُرْوَة مُرْسلا.
وَقَول عمر أَتُصَلِّي عَلَى عَدو الله تقدم فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عمر أَنه عَلَيْهِ السَّلَام لما أَرَادَ أَن يُصَلِّي عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ عمر أَتُصَلِّي عَلَيْهِ وَقد نهاك الله عَنهُ.
وَحَدِيث جِبْرِيل رَوَاهُ أَبُو يعلي الْموصِلِي فِي مُسْنده والطبري فِي تَفْسِيره عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن يزِيد الرقاشِي عَن أنس أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَن يُصَلِّي عَلَى عبد الله بن أبي فَأخذ جِبْرِيل بِثَوْبِهِ وَقَالَ: {وَلَا تصل عَلَى أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا وَلَا تقم عَلَى قَبره}.
وَقَوله: «إِن قَمِيصِي لن يُغني عَنهُ من الله شَيْئا» رَوَاهُ الطَّبَرِيّ حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى حَدثنَا ابْن ثَوْر عَن معمر عَن قَتَادَة قَالَ أرسل عبد الله ابْن أبي بن سلول وَهُوَ مَرِيض إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ لَهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أهْلكك حب يهود» قَالَ يَا رَسُول الله إِنَّمَا أرْسلت إِلَيْك لِتَسْتَغْفِر لي وَلم أرسل إِلَيْك لِتؤَنِّبنِي وَسَأَلَهُ قَمِيصه أَن يُكفن فِيهِ فَأعْطَاهُ إِيَّاه فَاسْتَغْفر لَهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَاتَ فَكفن فِي قَمِيصه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَفث فِي جلده وَدَلاهُ فِي قَبره فَأنْزل الله تَعَالَى: {وَلَا تصل عَلَى أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا} قَالَ وَذكر لنا أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِك فَقَالَ: «وَمَا يُغني عَنهُ قَمِيصِي من الله وَإِنِّي لأرجو أَن يسلم بِهِ ألف من قومه». انتهى.
وَقَول ابْن عَبَّاس رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث سنيد بن دَاوُد حَدثنَا حجاج عَن ابْن جريح قَالَ أَخْبرنِي الحكم بن أبان أَنه سمع عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما مرض أبي مَرضه الَّذِي توفّي فِيهِ قَالَ للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اُمْنُنْ عَلّي فَكَفِّنِّي فِي قَمِيصك وصل عَلّي قَالَ فَكَفنهُ فِي قَمِيصه وَصَلى عَلَيْهِ قَالَ ابْن عَبَّاس وَالله مَا أَدْرِي مَا هَذِه الصَّلَاة كَانَت فَالله أعلم وَمَا خَادع مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنْسَانا قطّ. انتهى.